تعالوا نقتسم لحظةً من الذِّكر، نُذكِّر فيها أنفسنا وإياكم بتقوى الله، وبشكر نعمه التي لا تُعدّ ولا تُحصى، لعلّها تكون نفحةَ خيرٍ تُلين القلب، وتفتح بابًا من أبواب الهداية والسكينة. لو خطبت اليوم تكون هذه خطبتي: موضوع الخطبة «وقليلٌ من عباديَ الشكور» ✨الخطبة الأولى: الحمدُ للهِ المنعِمِ المتفضِّل، الرازقِ المهيمن، الذي وسِعَ كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا، لا يُحصَى ثناؤه، ولا يُحاط بآلائه، ولا تَزال نعمُه تتوالى على العباد آناءَ الليل وأطراف النهار. نحمده على آلائه، ونشكره على نعمائه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه، الشاكرُ الحامدُ، الذي قال ربُّه فيه: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾، وقال هو صلوات الله عليه حين قام الليل حتى تفطرت قدماه: «أفلا أكونُ عبدًا شكورًا؟». أما بعد، عباد الله… الشكر… نعمةٌ لا يقوم بحقها إلا القليل إن النِّعم إذا تتابعت على العبد، أُخِذَ من جهتين: جهةِ الابتلاء، وجهةِ الامتنان. فكم من مبتلًى بالنعم وهو لا يشعر، وكم من محرومٍ وهو يحسب أنه منعَم عليه. ولذلك قال ربُّ العزة ـ جل في علاه في محكم كتابه: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾. فلو تأمل العاقل، لعلِم أن القليل هم الذين وطِّنوا أنفسهم على القيام بحق النعمة، لا الذين عدّوا النعم عددًا؛ فإن عدَّ النعمة شُكرٌ، ولكن القيام بحقِّها شكرٌ أعظم وأغلى. وقد قال الإمام عليٌّ رضي الله عنه: «النعمةُ موصولةٌ بالشكر، والشكرُ يعقدها ويزيدها». أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة واستغفروه يغفر لكم. 🕋 جلسة استراحة... ✨الخطبة الثانية: الحمدلله وكفى وسلام على عباده الدين اصطفى وصلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا ومولانا محمد رسول الله وحبيبه ومصطفاه. أما بعد فقلة الشكر ترجع إلى أن للشكر ثلاثة أركان قل من يعرفهم ثم قل من يأتي بهم. 1️⃣ الركن الأول: الشكر باللسان وهو أيسرها ظاهرًا، وأعظمها أثرًا إذا صَدَق العبد فيه. إن اللسان إذا تلجلج بالحمد وترطب بالشكر، واعتاد تعداد الآلاء، صار القلبُ له تبعًا، والجوارحُ خدمًا. وقد قال النبي ﷺ: «اللهم اجعلني لك شكارًا، لك ذكارًا». فالعبدُ ما دام يحمد الله على الصغيرة قبل الكبيرة، وعلى المألوف قبل النادر، صار من الشاكرين إذا جدّ الجدّ. 2️⃣ الركن الثاني: شكر القلب، وهو اليقين بأن الله هو المنعِم