19d (edited) • سيرة
✨ مشهد الفراق في حياة الفاروق
✦ مشهد الفراق في حياة الفاروق…
رقةُ قلبٍ، وصدقُ خوفٍ، ووصيّةٌ تكتب بدموع العين ✦
❤️‍🩹يا لها من ساعة يضطرب لها القلب، وترتجف لها الجوارح… ساعةٌ وقف فيها عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه على حافة الدنيا، يبتسم لوجه الآخرة، وقد سالت دماؤه الزكيّة تشهد له بما قدّم، وما أودع، وما حمل من همّ الأمّة وعدلها.
🗡️طُعِن الفاروق في صلاة الفجر، فلما سُقي اللبن خرج من خاصرته، فنظر إليه الطبيب وقال بكلمة ثقيلة على قلب كل مؤمن:
“أوصِ يا أمير المؤمنين، فإنك ميّت.”
😢فالتفت عمر إلى ابنه عبدالله، وقد غلبه الوجع ولم يغلبه الإيمان، وقال بصوت خافت:
“ائتني بحذيفة بن اليمان…”
وجاء حذيفة، صاحب سرّ رسول الله ﷺ، الرجل الذي أطلعه النبي على أسماء المنافقين، فلم يعرف أسرارهم إلا الله ورسوله وحذيفة.
نظر إليه عمر، والدم يترقرق من جنبه، وقال بلهفة من يعرف قدر نفسه ولا يغتر بعمله:
“يا حذيفة… أنشدك الله، هل سمّاني رسول الله ﷺ في المنافقين؟”
فطأطأ حذيفة رأسه، واغرورقت عيناه، وقال:
“استحفظني رسول الله سرًّا لا أبوح به لأحد.”
فعاد عمر يسأله وقد علا صوتهُ من حرقة القلب لا من ألم الطعنة:
“أسألك بالله يا حذيفة… أكان اسمي بينهم؟”
فبكى حذيفة وقال كلمة أطارت عن عمر هماً حمله سنين طويلة:
“والله يا عمر… ما ذكر اسمك عندي.”
فحمد الله، ثم التفت إلى ابنه عبدالله وقال:
“بقي لي أمر واحد.”
فقال عبدالله: “وما هو يا أبتاه؟”
فقال عمر، وهو المتواضع الزاهد الذي دانت له الدنيا:
“أُدفَنُ إلى جوار رسول الله ﷺ وصاحبيه. اذهب إلى أمّ المؤمنين عائشة، وقل لها: عمر يستأذن ـ ولا تقل أمير المؤمنين ـ فإنما أنتِ صاحبة البيت.”
فذهب عبدالله إليها، فبكت أمّ المؤمنين وقالت:
“كنت أعددت هذا المكان لي، واليوم أؤثر به عمر.”
وعاد عبدالله إلى أبيه يبشّره، فوجد عمر واضعًا خدَّه على التراب، فرفعه ووضعه على فخذه.
ففتح عمر عينيه وقال:
“ويحك يا بُنيّ! مالك تمنع خَدَّ أبيك من التراب؟ ضع خدي على الأرض؛ فويلٌ لعمر إن لم يغفر الله له.”
ثم أوصاه وصيّة اللحظات الأخيرة:
“إذا متُّ فاحملني إلى مسجد رسول الله، وانظر إلى حذيفة؛ فإن صلّى عليّ فاحملني إلى بيت عائشة. ثم قف على بابها وقل: يا أمّاه… ولدُكِ عمر، ولا تقل أمير المؤمنين، فإنها ربما استحت مني. فإن أذنت فادفنوني هناك، وإن لم تفعل فادفنوني في مقابر المسلمين.”
فلما حملوه للصلاة، دخل حذيفة فصلّى عليه، فاستبشر عبدالله، ومضى بالجنازة إلى بيت عائشة، وقال عند الباب بصوتٍ يقطّعه البكاء:
“يا أمّاه، هذا ولدُكِ عمر…”
فقالت:
“أدخلوه.”
فدفنوه إلى جوار النبي ﷺ وأبي بكر الصديق… حيث ينام العدل، ويستريح قلبٌ طالما خاف ربّه، وارتعد خشيةً بين يديه.
رحم الله الفاروق…
رجلٌ ملأ الأرض عدلًا، وهزّ الأمم مهابةً، ومع ذلك وقف أمام الله خائفًا وجلًا، وقد بُشّر بالجنة وهو حي.
فيا حسرةً على حالنا!
نلهو ونضحك، ولا يدري أحدنا أَرَبُّه راضٍ عنه أم لا؟
نؤجل التوبة، ونؤخر الأوبة، كأن الموت لا يطرق أبوابنا كل يوم.
اللهم أحسن خاتمتنا، وثبّت أقدامنا عند الموت،
اللهم اهدِ قلوبنا وذرّياتنا هدايةً لا نضلّ بعدها أبدًا، يا أرحم الراحمين.
9
10 comments
Dr Maher Ezzat
6
✨ مشهد الفراق في حياة الفاروق
powered by
Al Mahero
skool.com/al-mahero-4135
دراسات القرآن الكريم وعلومه وفقًا لمنهج الأزهر الشريف وتحت إشراف علماء الأزهر الشريف
Build your own community
Bring people together around your passion and get paid.
Powered by