آيات الكتاب المنظور في الكون وتدبر علماء العلوم والفنون في آيات الله في الكتاب المنظور
إن الله عز وجل منزل الكتاب المسطور بين دفتي المصحف هو سبحانه وتعالى الذي نشر آياته في الكون الكتاب المنظور فعلماء العلوم المختلفة هم يتدبرون في آيات الكتاب المنظور ويقلبون في سطور آيات الله في معاملهم كل في تخصصه.
إنّ البلاغةَ في القرآنِ الكريم ليست حُسنَ البيانِ فحسب، ولا جمالَ اللفظِ ولا اتساقَ التركيب؛ بل هي – في حقيقتها – بلوغُ الكلامِ غايةَ الكمالِ الّذي لا تُدركُه لُغةٌ ولا تُحيطُ به طاقةُ بشر.
تأمّل قوله تعالى:
﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ﴾.
آيةٌ تُضيّقُ على المفسّرين مسالكَ القول، وتتحيّر عندها العبارات، فيقفون على ظاهر اللفظ، وتفلتُ منهم معانيه الواسعةُ الّتي لا يحدّها ضابطٌ ولا يُمسكها قيد.
فالكتابُ – في لسان العرب – هو الجمعُ والضمّ؛ ومنه الكَتْبُ: ضمُّ الشيءِ إلى الشيءِ.
فكلُّ من جَمَعَ علومَ فنٍّ من الفنون، وأحاط بأصوله ومبانيه، واستوعب أسراره ودقائقه، فقد صار عنده عِلْمٌ من كتاب هذا الفن.
فإذا ازداد إتقانًا، ورسخ قدمُه في المعرفة، وبلغ من الفهم مبلغَ المتبحّرين، قدر على أن يأتيك بمطلوبك في هذا الفنّ قبل أن تقوم من مقامك. فإن فُتِح عليه من لدنِ ربّ العالمين، جاءك به – بوَهَبٍ إلهيٍّ لا بكسبٍ بشريّ – "قبل أن يرتدّ إليك طرفك".
فهذه الآية ليست في خرق العادة فحسب، بل في بيان أنّ العلم إذا صَفَا، واتّصل بالهداية الإلهية، صار لصاحبه من التمكين والقدرة ما يفوق حدود المقدور المألوف.
وهذا مِن سُنّة الله في عباده:
﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾،
فهي درجاتٌ لا تُنال بكثرة المرويّات ولا بحفظ المسطورات، وإنما تُنالُ بصفاء العقل، وحضور القلب، واستقامة المنهج، وإخلاص الطلب، وصدق الالتجاء إلى الله.
فالكتابُ والقلمُ – في حقيقتِهما – ليسا مجرّدَ ورقٍ ومداد، بل هما آلةُ الدرس، ووسيلةُ الفهم، وطريقُ جمعِ العلومِ والفنونِ واستيعابِها.
فمن طال باحثًا، وجمَع معارفَ فنِّه، وكتب نظريّاتِه، وأعمل فكره في مبانيه وأصوله، فقد صار عنده علمٌ من الكتاب الّذي يُتقنه.
وهكذا ترى:
فـ إيلون ماسك في ميدانِه، وأينشتاين في فيزيائِه، وتوماس إديسون وزويل ويعقوب ورشدي راشد وفاروق الباز… كلُّهم إنما رُفِعوا بما جمعوه من نصوصٍ وعلوم، وما خطّوه بأقلامهم من مباحث ومعارف، حتى استحصدت ثمارُ العلم في صدورهم، فكان لهم نصيبٌ من "الكتاب" الّذي أتقنوه، وصاروا من أهله القادرين على الإتيان بالعجيب من ثمراته.
اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَزِدْنَا مِنْ فَضْلِكَ عِلْمًا وَهُدًى.
4
1 comment
Dr Maher Ezzat
6
آيات الكتاب المنظور في الكون وتدبر علماء العلوم والفنون في آيات الله في الكتاب المنظور
powered by
Al Mahero
skool.com/al-mahero-4135
دراسات القرآن الكريم وعلومه وفقًا لمنهج الأزهر الشريف وتحت إشراف علماء الأزهر الشريف
Build your own community
Bring people together around your passion and get paid.
Powered by