الدرس 07 – مرتكزات الذكاء الاصطناعي - الخوارزميات
الدرس السابع: منظومات الخوارزميات — كيف تعمل الخوارزميات معًا داخل نظام واحد؟ حين تصل إلى هذا الدرس تكون قد قطعت مسارًا طويلًا داخل عالم الخوارزميات، رأيت فيه كيف تُبنى الفكرة خطوة بخطوة، وكيف يبحث النظام عن معلومة، وكيف يتخذ قرارًا، وكيف يتعامل مع البنى الشبكية ويتحكم في التعقيد المتشعب. وعندما تنظر إلى الطريق الذي قطعته، تدرك أن الخوارزمية الواحدة تشبه ورشة صغيرة داخل مدينة واسعة، لها دور، ولها حدود، ولها نقطة بداية ونقطة نهاية. لكن المدينة لا تُدار بورشة واحدة، بل بمنظومة كاملة تعمل في تناغم. وهكذا تكتشف أن الخوارزمية -مهما بلغت دقتها- لا تعمل وحدها. بل تُلقى داخل نظام يحتوي على عشرات الخوارزميات، كل واحدة تؤدي مهمة دقيقة، وتسلّم ناتجها لغيرها كما لو أنك ترى شوارع المدينة تنقل الحركة بين الأحياء والمراكز بسلاسة متواصلة. وحين تبدأ في النظر إلى الخوارزميات بهذه الصورة، ترى كيف تتوزع المهام في النظام الرقمي كما تتوزع الأعمال في مدينة نابضة بالحركة. قد تجد خوارزمية تجمّع البيانات كما يفعل مركز الاستقبال، وأخرى ترتبها كما تفعل ورشة الفرز، وثالثة تقرأ ما فيها لتقرر الاتجاه كما يفعل مركز القيادة. ومهما اختلفت هذه الوحدات، فإنها لا تعمل في عزلة، بل تتحرك تحت منطق واحد يجعل انتقال العمل بينها ممكنًا ومنظمًا. وهنا يظهر مفهوم “منظومات الخوارزميات”، وهو المنظور الذي يعرض لك الصورة الكبرى التي تقف خلف كل نظام قادر على تنفيذ مهمة معقدة دون اضطراب. وعندما تتعمق أكثر في رؤية هذه المدينة الرقمية، تجد أن أبسط صور التعاون بين الخوارزميات هو التسلسل. في هذا النمط تتحرك المهمة كما تتحرك وثيقة رسمية بين المكاتب: تبدأ من مكتب الإدخال الذي يجمع البيانات، ثم تنتقل إلى مكتب الفرز الذي يعيد تنظيمها، ثم إلى مكتب التحليل الذي يقرأها ويستخرج معناها، ثم إلى مكتب الإخراج الذي ينتج القرار أو المعلومة النهائية. كل خطوة تعتمد على الخطوة التي قبلها، وكل مكتب يحتاج ما انتهى إليه المكتب السابق. هذا التسلسل يبدو بسيطًا، لكنه في الحقيقة أساس الاستقرار داخل أي نظام، لأنه يمنحك مسارًا واضحًا تتدفق فيه المهام بانتظام من وحدة إلى وحدة. وحين تخرج من هذا المسار خطوة إلى الأمام، ترى نمطًا آخر مختلفًا تمامًا. هنا لا تسير المهمة في خط واحد، بل تتوزع عبر طرق متعددة تعمل في اللحظة نفسها. هذا هو التنسيق المتوازي، حالة تشبه مشروع مدينة يُبنى بنقطة مركزية واحدة لكن تشارك في إنجازه عدة ورش في وقت واحد. ترى ورشة تحفر، وأخرى ترفع الأعمدة، وثالثة تمد الأنابيب، وكلها تعمل في اللحظة نفسها دون انتظار بعضها بعضًا. وعندما تنتهي المرحلة يجتمع ما أنجزته الورش كلها ليتكون البناء في صورته النهائية. هكذا تعمل الخوارزميات المتوازية: تتجزأ المهمة على خوارزميات متخصصة، تعمل كلها بالتزامن، ثم تُدمج نتائجها لتكوين حل واحد، فيرتفع الأداء وتزداد سرعة النظام، وتخفّف الأعباء عن أي خوارزمية منفردة.