في أحد المطارات جلست سيدة تنتظر رحلتها، فاشترت كتابًا وكيسًا من الحلوى لتقضي الوقت. جلست بجوارها فتاة شابة، وما إن بدأت السيدة تقرأ حتى لاحظت أن الفتاة تأخذ من كيس الحلوى الذي وضعته على الكرسي بينهما. في البداية تجاهلتها، ثم بدأت تشعر بالانزعاج والغضب: “يا لها من وقحة! كيف تجرؤ؟” لكنها ضبطت نفسها، وحاولت أن تبدو متحضّرة. ومع كل قطعة تأكلها السيدة، كانت الفتاة تأخذ قطعة أخرى بهدوء وابتسامة صغيرة. في النهاية، بقيت قطعة واحدة فقط من الحلوى. أمسكت الفتاة بها، قسمتها نصفين، وقدمت نصفها للسيدة بابتسامة. أخذت السيدة القطعة وهي تشتعل غيظًا، ثم عندما نودي على رحلتها، غادرت دون أن تنظر خلفها. بعد صعودها إلى الطائرة جلست وفتحت حقيبتها لتضع الكتاب... فوجدت كيس الحلوى الأصلي بداخلها. تجمدت لحظة، ثم أدركت الحقيقة الصادمة: إنها هي من كانت تأكل من كيس الفتاة، لا العكس. الدروس المستفادة ١. ابدأ من الداخل. الموقف نفسه ليس ما يحدد مشاعرك، بل طريقة رؤيتك له. السيدة لم ترَ الحقيقة لأنها كانت أسيرة منظورها الضيق. التغيير يبدأ حين نراجع إدراكاتنا قبل أحكامنا. ٢. افهم قبل أن تُفهَم. لو أنها سألت أو تريّثت للحظة، لاكتشفت الخطأ قبل أن تحكم. التواصل الإنساني لا يبدأ بالكلام، بل بالنية الصافية والفهم المتبادل. ٣. تواضع في حكمك على الناس. كثير من صراعاتنا اليومية سببها الغرور الخفي: نعتقد أننا نملك الحقيقة، فالنية الطيبة لا تكفي إن لم تصحبها بصيرة صادقة. ٤. التجربة تصنع الوعي. لم تتعلم السيدة من الموقف إلا بعد الألم. النمو الإنساني يحدث غالبًا بعد الصدمة، عندما نواجه حقيقة أنفسنا. ٥. غيّر نظارتك قبل أن تغيّر الآخرين. حياتك انعكاس لطريقة نظرك للعالم. عندما تبدّل عدسة الحكم بعدسة الفهم، يتحول الغضب إلى امتنان، والاتهام إلى إدراك. الخلاصة... "بين الفعل ورد الفعل توجد مساحة من الاختيار. في تلك المساحة يكمن نمونا وحريتنا." قصة كيس الحلوى تذكّرنا أن المساحة بين الحدث واستجابتنا هي ما يصنع الفرق بين إنسان مندفع وإنسان ناضج. فبدل أن نحكم سريعًا، لنتوقف قليلًا… نعيد النظر… ثم نختار بوعي ما نؤمن به وما نقوله وما نفعل.